تكثر شكوى بعض المعلمين من اهتمام المسؤولين بكراس وإعداد الدروس المعروف بدفتر التحضير ، فما هو هذا الكراس ؟ وما جدواه في العملية التعلمية ؟ ولم يشكو منه المعلمون ؟
ما هو دفتر التحضير ؟
هو عبارة عن مجموعة من خطط عمل منظمة ، يسعى المعلم لتحقيقها والوصول إلى أهدافها ، منذ بداية العام الراسي حتى نهايته ومن هذه الخطاط :
1 ـ خطة أهداف كل مادة .
2 ـ وخطة الدروس الفصلية .
3 ـ وخطة توزيع الموضوعات على الأشهر والأسابيع . والتوقيت الزمني لتنفيذ الحصة وإذا كان دفتر التحضير يضم مجموعة من الخطط ، خطة إعداد الدروس ، وأهميتها تكمن في أنها صاحبة العلاقة الوثيقة بالتلميذ ، وهي موضوع شكوى المعلمين ، لتجددها كل يوم وجدد الجهد المبذول في إعدادها . وإذا كان الأمر كذلك ، فإنه يحسن بما أن نعرف هذه الخطة ، فما هي ؟
خطة إعداد الدروس هي :
عملية فكرية ، والهدف منها رسم صورة واضحة لما سوف يقوم به المعلم أثناء الدرس ، ويتم تنظيمها كتابياً بواسطة كراس التحضير .
والآن ، بعد أن عرفنا دفتر التحضير ، والتحضير نفسه ، يجدر بنا أن نقف عند أسباب شكوى بعض المعلمين منه . ولعل أهم هذه الأسباب :
1 ـ قصور نظرة بعض المعلمين له ، فهم لا يرون فيه سوى جهد كبير لا طائل تحته ، ولا غناء فيه هم ولا تلاميذهم ، وهذا النفر من المعلمين لا ينتفعون حقاً بدفتر التحضير دون مضمونه ، وأما أن ينقلوا فيه معلومات وأهدافا لا تعنيهم ، وإنما هي لإرضاء منابعي أعمالهم فحسب .
2 ـ أن تحضير الدروس يستغرق وقتا طويلا ، يعتبره المعلم ملكا له ، فهو يرى الموظف خاليا من العمل بعد انتهاء ساعات الدوام الرسمية ، فلماذا يطالب هو في العمل بعد انتهاء ساعات دوامه ؟ لقد أقام المعلم محكمه ، ورفع أمامه قضيته دافع عنها ،وحكم لنفسه فيها ،ونفذ الحكم على أتم قناعه بأنه على حق ،ناسيا أن طبيعة مهنته تختلف عن طبائع المهن الأخرى ، وأنه لا يصح أن نساويها مع غيرها في الواجبات دون أن نساويها معها في الميزات والحسنات .
3 ـ اعتبار أن دفتر التحضير لا يضم سوى المعلومة ، وهذه المعلومة موجودة في الكتاب وفي رأس المعلم ،فلماذا يكتبها إذن ؟ إنه لا يكتبها إلا لإثبات تعاونه مع المسؤولين ، وكسب
رضاهم .
4 ـ كون درجة التحضير لا تتناسب مع الجهد المبذول فيه ، فمن مئة درجه في بطاقة ( توجــه المعــلم وتقــويمه ) ، اقتصرت المهارة في عرض الدروس وإدارة الفصل على سبع درجات فقط ، وما أغنى المعلم عنها .
5 ـ عدم إجادة كثير من المعلمين لإعداد الدروس كما يريد رؤساؤهم ، إما لأنهم لم يتعلموا طريقة الإعداد التي يريدون . وإما للتغير أساليب الإعداد ، من وقت لأخر ومن مسؤول لغيره .
أهمية دفتر التحضير للمعلم أولاً :
إذا كان دفتر التحضير مجموعه من الخطط كما أسلفنا ، فإن أول المستفيدين من هذه الخطط من خطط ، ويمكن تلخيص الفوائد يجنيها واضح هذه الخطط بما يلي :
أولاً ـ أنه يحدد أهدافه ، فتتضح أمامه ، ويسعى للوصول إليها من أقصر الطرق وبأقل جهد ، شأنه شأن كل من يسعى إلى هدف شاخص أمامه .
ثانياً ـ ينمو المعلم بالتحضير من الناحتين العلمية والمهارية فبالعلم وتدوينه تنموا معرفته ، ويتعود التنظيم والتفكير المنطقي ، ترتقي مهاراته .
ثالثاً ـ يثق بنفسه ويثق تلاميذه فيه ، عندما تتحقق أهدافه فيهم بيسر ، وبعيدا عن الأخطاء .
رابعاً ـ يسهل عليه اكتشاف عيوب المناهج التي يدرسها ، عندما يضع لها الأنشطة المناسبة ، ويتصور المواقف التعلمية الصالحة له ، ويتعرف على نوعية أهدافها ، ومدى ملاءمتها لتلاميذه .
خامساً ـ يرضى ربه إذا يؤدي واجباً من واجبات عمله ، كما يرضى رؤساءه بنجاحه في عمله ، ويرضى أولياء أمور تلاميذه إذا ينجح أبناؤهم .
سادساً ـ في دفتر التحضير يثبت المعلم ، معلومات الدرس الرئيسية ، وبذلك ترسخ هذه المعلومات في ذهن كاتبها ، ويعرف حدودها فيقف عندها ، فإن احتاج إلى الرجوع هذه المعلومات – ولو في الصف – جاز له .
سابعاً ـ في دفتر التحضير بدون المعلم الطريقة المناسبة لدرسه ، والأنشطة المصاحبة والوسيلة الموصولة إلى أهدافه منه .
ثامناً ـ من دفتر التحضير يعرف المعلم موضوع درسه ، إذا يؤشر فيه على الموضوعات التي تمت دراستها ، وبدون ذلك ، فإنه من العسير على المعلم أن يعرف أين وقف بتلاميذه في كل صف وكل مادة .
تاسعاً ـ في دفتر التحضير ، يضع المعلم المادة العلمية لبعض المواد أو يختارها ، وبخاصة في المواد لا كتب لها ، كالتعبير والإملاء ، وبدون هذا الدفتر ، سيكون عمل المعلم عشوائيا يعوزه التخطيط والتنظيم .
عاشراً ـ من دفتر التحضير يتعلم المعلم الجديد من زميله القديم ما لا تكفيه عشرات المحاضرات ، فهو يقف فيه على ذوقه وعلمه وأساليبه ، لذلك فأننا ننصح دائماً أن تبقى دفاتر المعلمين المتميزين في مدارسهم ليقتدي بها المعلمون الجدد .
ومن كل ما تقدم ، تتضح أهمية دفتر التحضير، حتى للمعلم القديم ، الذي لا تشفع له سنوات خدمته الطويلة في إعفائه من عنائه .
أهمية دفتر التحضير للطالب :
إذا كان التحضير مجدياً للمعلم وهو منشئه ، فإن للطالب أكثر جدوى إذا ينعكس أثره الإيجابي عليه ن فهما وتنظيماً ، عندما يتلقى معلومات أعدت إعداداً حسناً ، ووضعت في جداول ، وذلك تتحقق أهدافنا في التربية والتعليم دون أن يعلم الطالب . ولا شك أن ما يقدمه المعلم من تسلسل في العرض ، واستحضار للأمثلة المعاصرة المناسبة ، وعرض الوسائل التعليمية النافعة وطرح الأمثلة المثيرة للتفكير ، الداعية إلى المشاركة في الدرس ، له أطيب الأثر في نفس التلميذ ، مما يخلصه من العقد والإحباطات ، ويجعل منه مشاركاً متذوقاً للدرس ، لا مجرد مصغ يكره الإصغاء ، وطالب علم يكره التعلم .
أهمية دفتر التحضير لمدير المدرسة ، وللموجه ، ولأي زائر مسؤول :
دفتر التحضير أحد ضوابط العمل التربوي وأحد مستلزماته الرئيسية ، فكما لا يمكن الاستغناء عن الكتاب والسبورة ودفتر الواجبات ، لا يمكن أيضاً الاستغناء عن دفتر التحضير ففيه العمل وخطة تحقيقه ولمن كنا تعرفنا على أهميته للمعلم والتلميذ ، فماذا عن أهميته للموجه والزائر ؟ لا شك أن هذا الدفتر مرآة أعمال المعلم وسجل بصماته ، فهل يوجد من لا تدل عليه صورته وبصمته فما هي أبرز ملامح هذه الصورة المنعكسة في المرآة أو في دفتر التحضير ؟
أولاً ـ الجدية في العمل والانضباط فيه ، فالمعلم الجاد يحرص على اصطحاب دفتر التحضير في كل فصل ، كما يحرص على عرضه على المسؤول بالمدرسة كلما وعي لذلك .
ثانياً ـ يمكن المعلم من مادته وامتلاكه ناصيتها ، فالمعلم المتمكن لا بد أن تظهر أثار علمه وثقفته في أسلوب عرضه وأنشطته ووسائله .
ثالثاً ـ لغة المعلم ، فالمعلم الكفي لا بد أنت تظهر كفايته في سلامة لغته المكتوبة .
رابعاً ـ خطة المعلم الصفية ، وإتقان الخطة دليل على فضل المخطط ، وعلمه بأهداف عمله .
خامساً ـ خطة توزيع موضوعات المقرر على أشهر الفصل وأسابيعه ، ومدى التزام المعلم بتنفيذها .
سادساً ـ أهداف كل مادة دراسية أو مقرر ، ونقصد بها الأهداف البعيدة التي لا تتحقق في حصة واحدة ، وإنما يلزم لتحقيقها المنهج كاملاً ، كالارتقاء بالتذوق الأدبي ، ورفع كفاءة التلميذ التعبيرية ، وأمثالها .
سابعاً ـ الإعداد النفسي والذهني للدرس ، والإعداد الكتابي شاهد له حيث لا شاهد غيره إلا الله سبحانه .
ثامناً ـ متابعة المدير أعمال معلميه ، فالمدير الناجح يحرص على متابعة أعمال معلميه من إعداد دروس إلى إعداد الخطط وتنفيذها ، إلى الإشراف على الوسائل وأعمال التلاميذ التحريرية .
تاسعاً ـ جدول المعلم الذي يشمل حصصه الأسبوعية ، وحصص الاحتياط ، وجماعات النشاط التي يساهم فيها .
ومما تقدم يتضح أن الموجه أو الزائر المخصص ، يستطيع أن يحكم على المعلم من كراس تحضيره بالرغم من أن عمل المعلم عمل ، معقد لا يشكل الجزء الكتابي منه سوى جزء قليل ، بينما يستأثر التلميذ ومستواه بأكثر الأجزاء ، ولكن هذه القلة لا تعني نفي الأهمية أو الانتقاص منها ، لأنها تقود إلى الكثرة ، ولا غرابة في ذلك فخطة أي شيء أهم ما فيه بالرغم من قلة تكاليفها ، واجتراء من لا يتقنوها عليها .
وبعد فبم ترد على من يزعم أن المعلم قد ينجح دون دفتر التحضير ؟ لا بد أن نقول أن النجاح درجات ، فإن أحرز بعض المعلمين نسبة من النجاح دون دفتر التحضير ، فإنهم بالتأكيد قادرون على النجاح بنسبة أكثر لو حضروا ، وما بعض النجاح الذي أحرزه إلا نتيجة تفوق لا يتوفر للجميع ، وجهد فردي لا يصح أن يقاس عليه ، قد يكون مرده مواهب خاصة أو خبرة متميزة . ولهذا النفر نقول : ربما صدر اتهامكم دفتر التحضير عن جهل بقيمته ، وربما عن كسل وضن بالجهد ، وربما عجز وتقصير ، وربما عنها جميعاً ، ولكن من المؤكد أن المعلم الناجح لا يشكو من دفتر التحضير ولا ينكر أهميته والسلام .